مايوركا الإسبانية… وجهة سياحية مستدامة لعام 2025
تخطو جزيرة مايوركا بثبات نحو مستقبل أكثر وعيًا في مجال السياحة، عبر التزامها بميثاق “ذا بليدج” (The Pledge)، الذي يرسّخ نموذجاً سياحياً قائماً على الاستدامة، والاحترام، والتعايش. ويهدف هذا التوجه إلى صون الهوية الفريدة للجزيرة والحفاظ على إرثها الطبيعي والثقافي والاجتماعي للأجيال القادمة.

تقع مايوركا، أكبر جزر البليار، في قلب البحر الأبيض المتوسط، وتُعد واحدة من أبرز الوجهات التي تجمع بين سحر الطبيعة، وغنى الثقافة، وأصالة العراقة. فمن جبال “سيرا دي ترامونتانا” الشاهقة، إلى القرى الساحلية والداخلية الفاتنة، تمتد مناظر خلابة تأسر الزوّار على مدار العام، وتتميّز مايوركا بأجوائها المضيافة، التي تجعل كل زائر يشعر وكأنه في وطنه.
لكن مايوركا ليست فقط وجهة للحواس، بل هي أيضاً موطن لهوية متجذّرة، حريصة على حماية إرثها الثقافي والطبيعي. واليوم، تبرز كوجهة رائدة في تبني ثقافة سياحية جديدة أكثر مسؤولية، من خلال “مؤسسة السياحة المسؤولة في مايوركا” (Fundació Turisme Responsable de Mallorca)، التي أعادت مؤخراً تسمية نفسها لتجسيد التزامها المتجدد بهذا النهج المستدام.

يرتكز هذا المسار على ثلاث قيم أساسية: الاحترام، والمسؤولية المشتركة، ورفاه المجتمع المحلي، ومن خلال شراكات فاعلة مع القطاع الخاص، ومبادرات شاملة تشمل السكان والزوار على حد سواء، تسعى مايوركا إلى تحقيق نموذج سياحي مستدام يترابط مع الانتماء الثقافي المحلي ويصون البيئة.
تتجسد هذه الرؤية في خارطة الطريق “ذا بليدج”، التي تُعد بمثابة دليل عمل لكل الجهات المعنية، مستندة إلى مبادئ الاحترام المتبادل والمسؤولية المشتركة، بما يضمن الحفاظ على “الكنز الجماعي” الذي تمثله الجزيرة، ولا تقتصر الجهود على الجانب البيئي فحسب، بل تشمل أيضاً إصلاحات هيكلية واستراتيجيات مبتكرة تسهم في تحوّل شامل ومستدام.
وتقود مايوركا هذا التحول من خلال دمج الابتكار وريادة الأعمال والتقنيات الرقمية في منظومتها السياحية، مع اعتماد مفاهيم مثل الاقتصاد الدائري والرقمنة، بهدف تقليل البصمة البيئية، وتحسين الكفاءة، وتعزيز جاهزية الجزيرة لمواجهة تحديات المستقبل.
يؤكد ميثاق “ذا بليدج” أن مايوركا هي موطن مشترك للجميع، سواء كانوا زوّاراً أو سكاناً، داعياً الجميع إلى الحفاظ عليها باحترام ومسؤولية، والمساهمة في إرساء علاقة متوازنة بين الزائر والمكان، كما ويشدد على أهمية التفاصيل الصغيرة التي تحدث فارقاً كبيراً، مثل عدم ترك المخلفات في الطبيعة، واستخدام نقاط إعادة التدوير، وجمع النفايات من الشواطئ والممرات حتى وإن لم تكن ناتجة عن الزائر نفسه. كما يُشجّع على احترام المسارات المحددة عند التجوال في الطبيعة، والحفاظ على التنوع البيولوجي للسواحل والأنظمة البحرية، دون الإضرار بالحياة البرية.

وفي ظل موارد طبيعية محدودة، يدعو الميثاق إلى اعتماد وسائل النقل العامة أو المستدامة، وترشيد استهلاك المياه والطاقة، وتفضيل المنتجات المحلية والحرف اليدوية. والهدف من ذلك أن تكون البصمة الوحيدة التي يتركها الزائر هي ذكريات جميلة لا تُنسى.
إن السفر المستدام إلى مايوركا يعني خوض تجربة متكاملة، والانغماس في ثقافتها، والتفاعل باحترام مع مجتمعاتها، ودعم اقتصادها ومجتمعاتها المحلية من خلال تذوّق مأكولاتها التقليدية والاستمتاع بعروضها الأصيلة. فكل لفتة مسؤولة تُسهم في جعل مايوركا مكانًا أفضل للعيش، ووجهة أكثر استدامة وجاذبية للزيارة.
