WhatsApp +971 54 4460442 / +55 21 965542222
Halong Bay, Vietnam

آسيا والمحيط الهادئ، محرك رئيسي لمستقبل السياحة العالمية

Sa Pa, Vietnam

تُعد منطقة آسيا والمحيط الهادئ من أبرز القوى المحركة لمستقبل السياحة الدولية، حيث تُشير التوقعات إلى نمو ملحوظ في السفر الخارجي من هذه المنطقة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 7% حتى عام 2029، ويُنتظر أن يصل الإنفاق على السفر الدولي إلى 2.5 تريليون دولار أمريكي، بينما يتجاوز الإنفاق على السفر المحلي 4.3 تريليون دولار في العام نفسه، وفقًا لبيانات حديثة صادرة عن “يورومونيتور إنترناشونال”.

ويُتوقع أن تُشكّل الرحلات داخل المنطقة ما نسبته 61% من إجمالي الرحلات بحلول نهاية عام 2025، بينما ستكون واحدة من كل ثلاث رحلات خارج المنطقة بحلول عام 2029، في وقت تُجرى فيه ثلاثة أرباع الحجوزات عبر الإنترنت، في دلالة على التحول الرقمي العميق في سلوكيات السفر.

تُبرز هذه التغيرات في سلوكيات المسافرين، والتحول الرقمي، وانتعاش السفر الخارجي، منحى جديد يعيد رسم خريطة السياحة العالمية وخاصةً من الصين، مقدمةً رؤىً قيّمة حول هذه السوق العالمية الرئيسية، حيث يشكل التحوّل في قرارات الشراء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مدفوعًا بالسفر التجريبي، والرقمنة، والرغبة المتزايدة في الانغماس الثقافي خاصة في الشرق الأوسط.

المنصات الرقمية والثقافة الشعبية أصبحتا من أهم محركات سلوك السفر، حيث يحجز أكثر من 60% من المسافرين رحلاتهم لحضور الفعاليات الترفيهية والحفلات والمباريات الرياضية، بينما يتأثر أكثر من 40% منهم بمحتوى منصات مثل “تيك توك”. حتى الأعمال السينمائية والتلفزيونية، مثل مسلسل “اللوتس الأبيض”، أسهمت في زيادة الإقبال على وجهات معينة مثل تايلاند.

ووفقًا لتقرير صادر عن “توريزم إيكونوميكس”، من المتوقع أن يتضاعف عدد الليالي الفندقية للمسافرين من آسيا والمحيط الهادئ وأفريقيا بين عامي 2025 و2030، مع ارتفاع ملحوظ في عدد ليالي الإقامة من الصين إلى الشرق الأوسط بنسبة 189%. كما يُتوقع أن تهيمن الأسواق الآسيوية على الحصة الأكبر من رحلات العمل، مع صعود واضح لدور الهند.

من ناحية الإنفاق، يُسجل المسافرون من آسيا والمحيط الهادئ أعلى معدلات الإنفاق اليومي عالميًا، بمتوسط 300 دولار للفرد، تشمل الإقامة، الطعام، المشروبات، والتسوق. ويُعزى هذا الإنفاق المرتفع بشكل أساسي إلى المسافرين الصينيين، الذين لا تزال قوتهم الشرائية تُشكل عاملًا حاسمًا في توجهات السوق.

تتبنى بعض الوجهات العالمية استراتيجيات مخصصة لاستقطاب هذا النوع من المسافرين. فعلى سبيل المثال، تُعد أجندة دبي الاقتصادية (D33) إطاراً فاعلاً لترسيخ مكانة الإمارة في السوق الآسيوي، من خلال سرد القصص وتجربة المستخدم المخصصة، إلى جانب استثمارها في قنوات مثل “بيليبيلي” و”ريد نوت”، مدعومة بشبكة طيران قوية تشمل “طيران الإمارات” و”فلاي دبي”، مما يعزز جاذبيتها كوجهة رائدة.

أما المملكة العربية السعودية، فقد اعتمدت نهجاً محلياً متعمقاً يستند إلى فهم دقيق لتنوع وخصوصية الأسواق الآسيوية، التي تشمل 49 دولة، حيث تأخذ استراتيجياتها بعين الاعتبار التباينات الثقافية وتفضيلات المسافرين بدءً من تفضيلات الطعام وحتى نمط الرحلة، إذ تدعم هذه الاستراتيجية شراكات بالتعاون مع جهات إعلامية وتجارية وبحثية.

ويبرز الدور المتزايد للتكنولوجيا، التي تُعيد تشكيل قرارات السفر في المنطقة، مع الاعتماد المتنامي على الهواتف الذكية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والذكاء الاصطناعي، إذ يُحدث التخطيط المُركّز على الهواتف المحمولة تحولًا جذريًا في طريقة بحث المسافرين عن الرحلات وحجزها، على الرغم من اختلاف المشهد الرقمي بشكل كبير من بلد إلى آخر.

الاستدامة أيضًا باتت محط اهتمام متزايد، خاصة لدى الأجيال الشابة. فقد أظهر استطلاع أجراه موقع Trip.com أن ما بين 30 إلى 40% من مسافري جيل الألفية والجيل زد على استعداد لدفع المزيد مقابل تجارب سياحية صديقة للبيئة، مما يشير إلى تحول في القيم السياحية لدى هذه الشريحة من المسافرين.

تمثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ حجر الزاوية في مستقبل السياحة العالمية، بما تمتلكه من طاقات بشرية واقتصادية متنامية، مع توقعات بنمو ملحوظ في أعداد المسافرين والإنفاق السياحي، تصبح الحاجة ملحة لتبني وجهات العالم، لا سيما في الشرق الأوسط، لاستراتيجيات مخصصة تُراعي التنوع الثقافي والتقني في هذه الأسواق الواعدة.

في ضوء هذه المعطيات، فإن مستقبل السياحة في آسيا والمحيط الهادئ لا يُعد واعدً فحسب، بل يشكّل فرصة استراتيجية للوجهات العالمية الطموحة الراغبة في تحقيق نمو مستدام طويل الأمد.

بقلم سام تاج الدين

© 1995- 2025 Sam Travel & Events

Translate »
Verified by MonsterInsights