انخفاض طلبات اللجوء في ألمانيا 50%

شهدت ألمانيا تراجعاً ملحوظاً في عدد طلبات اللجوء المقدمة خلال النصف الأول من عام 2025، حيث انخفضت بنسبة تقارب 50% مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي، بحسب ما أعلنه المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF). في تحول وصفته الحكومة الألمانية بـ”النجاح الأولي لنهج أكثر واقعية في إدارة ملف الهجرة”.
ووفقاً للإحصائيات الرسمية، تقدم نحو 61,336 شخصاً بطلبات حماية في ألمانيا منذ بداية يناير وحتى نهاية يونيو 2025، مقابل أكثر من 122,000 طلب خلال نفس الفترة من عام 2024.
ويرجع هذا الانخفاض إلى عدة عوامل عدّة، أبرزها:
التحولات السياسية في سوريا بعد التحرير في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، والتي تبعت اتفاقاً دولياً أنهى عقوداً من حكم النظام القمعي البائد وهروب رأس النظام خارج البلاد، والذي أدى إلى تقييمات أمنية جديدة قلّلت من فرص منح الحماية للسوريين.
تعزيز الرقابة الحدودية، حيث كثّفت ألمانيا من عمليات التفتيش الثابتة والمتحركة على حدودها البرية، خاصة مع بولندا والتشيك والنمسا، مما حد من الدخول غير النظامي إلى البلاد، وتشديد السياسات في دول العبور، لا سيما دول البلقان، التي بدأت منذ مطلع العام في تطبيق إجراءات صارمة للحد من تدفق المهاجرين، استجابة لضغوط من الاتحاد الأوروبي، وزيادة عمليات الترحيل وتسريع البت في ملفات اللجوء داخل ألمانيا، مما قلل من تدفق الوافدين الجدد.
من جانبها، أكدت وزارة الداخلية الألمانية أن هذا التراجع يُعد نتيجة مباشرة لسياسات أكثر “صرامة وفعالية” في إدارة الهجرة واللجوء، مشيرةً إلى استمرار التنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية لإيجاد حلول مستدامة لقضايا النزوح واللجوء.
حيث أشار توماس هالمان، وكيل وزارة الداخلية الألمانية لشؤون الهجرة، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (DPA): “بدأنا نجني ثمار سياسة الهجرة المنضبطة التي تهدف إلى حماية من يحتاج فعلاً، ومكافحة الاستغلال غير المشروع لنظام اللجوء. لا يمكن لألمانيا وحدها أن تتحمل العبء العالمي للنزوح”.
يُذكر أن ألمانيا لا تزال من بين الدول الأوروبية الأكثر استقبالاً للاجئين، إلا أن أولويات الحكومة الحالية تتركز على “تقليص الهجرة غير النظامية” وتحقيق التوازن بين الاحتياجات الإنسانية والقدرات الوطنية.
بينما تنظر الحكومة إلى هذه الأرقام كدليل على نجاح سياساتها، يرى مراقبون أن التراجع السريع قد يُلقي بتبعات كتأثير مزدوج على عدة مستويات:
إنسانياً، قد يجد طالبو اللجوء الفارّون من مناطق النزاع صعوبة متزايدة في الوصول إلى برّ الأمان.
اجتماعياً واقتصادياً، من المتوقع أن يؤثر الانخفاض في أعداد الوافدين الجدد على قطاعات تعتمد على العمالة الخارجية، خاصة في المناطق الشرقية من البلاد التي تعاني من نقص سكاني.
سياسياً، قد يُخفف هذا الانخفاض من الضغوط التي تواجهها الحكومة من الأحزاب المعارضة والرأي العام القلق من “تكرار أزمة اللاجئين” كما حدث عام 2015.
على الرغم من التراجع، حذر خبراء الهجرة من أن الأزمات الدولية لا سيما في الشرق الأوسط وأفريقيا قد تعيد تصعيد الأرقام في أي لحظة، ودعت منظمات حقوقية ألمانيا إلى الحفاظ على “بوابة إنسانية مفتوحة” لمن هم في أمسّ الحاجة، خصوصاً النساء والأطفال والضحايا السياسيين.
