WhatsApp +971 54 4460442 / +55 21 965542222
ضريبة الخروج عقبة أمام أثرياء أوروبا الراغبين بالهجرة

ضريبة الخروج عقبة أمام أثرياء أوروبا الراغبين بالهجرة

ضريبة الخروج عقبة أمام أثرياء أوروبا الراغبين بالهجرة

تسارعت هذه الإجراءات زخماً خلال الأعوام الماضية، نتيجة الضغوط على العجز المالي بعد جائحة كوفيد، إلى جانب تباطؤ النمو الاقتصادي، ما يدفع الحكومات الأوروبية للبحث عن مصادر جديدة للإيرادات. هذا يعني بالنسبة للكثيرين، مواجهة خيار صعب، إما البقاء والتعامل مع الضرائب المحلية، أو المغادرة ودفع ضريبة الخروج. لكن بعض الخبراء شككوا في قدرة الحكومات على تحصيل الضرائب من الأشخاص الذين غادروا فعلاً.

هذه الضريبة، التي تطبَّق على الأرباح الرأسمالية غير المحققة عند مغادرة البلاد، تمثل محاولة من الدول الأوروبية لضمان مساهمة الميسورين في خزائن الدولة قبل مغادرتهم. ألمانيا، النرويج، بلجيكا، وهولندا كانت في مقدمة الدول التي وسّعت أو تدرس توسيع نطاق هذه الضريبة، في حين تصاعدت الدعوات في بريطانيا لاعتمادها ضمن جهود الحد من هروب الأثرياء. لكن هذه الضرائب مثيرة للجدل، لأنها تُفرض حتى على الأصول غير المبيعة، ما يجبر المستثمرين على دفع ضرائب قد تصل إلى ملايين أو حتى مليارات الدولارات.

ترى الحكومات أن هذه الضريبة وسيلة “عادلة” لتعويض ما استُهلك من البنى التحتية والخدمات العامة، لكنها في المقابل أثارت جدلاً واسعاً. فالأثرياء يُجبرون على دفع مبالغ ضخمة حتى دون أن يكونوا باعوا أصولهم، ما يضعهم أمام صعوبات سيولة حقيقية. كما أن الضرائب المرتفعة باتت دافعاً للكثير من أصحاب الشركات الناشئة إلى التفكير بالمغادرة المبكرة قبل تضخم قيمة شركاتهم.

من الأمثلة اللافتة، طالب طب ألماني أسس شركة ناشئة وانتقل إلى هارفرد للدراسة، فطُلب منه دفع 200 ألف يورو ضريبة خروج على أسهم قيمتها 800 ألف. لكنه استطاع تأجيل الدفع حتى عودته إلى ألمانيا، متفادياً الضريبة بالكامل.

أما النرويج، فهي من بين الدول الأكثر تشدداً، إذ تفرض ضرائب تصل إلى 38% على الأرباح غير المحققة، كما رفعت نسبة ضريبة الثروة على الأفراد الذين تفوق ثرواتهم 2 مليون دولار، وقد أدى ذلك إلى مغادرة عدد من أثرياء النرويج، من أبرزهم نينجا تولفسن، أغنى نساء البلاد سابقاً، ورجل الأعمال يورغن دال، وبطل التزلج الأولمبي المعتزل بيورن داهلي.

النظام الألماني يفرض ضريبة الخروج على من يمتلكون 1% أو أكثر من أسهم شركة واحدة، أو من تتجاوز قيمة أسهمهم في شركة واحدة أو صندوق واحد 500 ألف يورو. وقد تم تطوير هذه القوانين بعد تجارب هروب ضريبي شهيرة، مثل قضية مالك متاجر “هورتن” في الستينات.

وفي نوفمبر الماضي، وسّعت ألمانيا نطاق الضرائب لتشمل صناديق الاستثمار بنسب قد تصل إلى 45%، رغم وجود استثناءات تقلل من المعدل الفعلي.

الولايات المتحدة وكندا وأستراليا تفرض أيضاً أشكالاً من الضرائب على من يغادرون البلاد. ففي أمريكا مثلاً، تُطبّق الضريبة على من يتخلى عن الجنسية أو يفقد الإقامة الدائمة، بشرط أن تتجاوز قيمة أصولهم مليوني دولار.

في بريطانيا، ورغم المطالب المتزايدة بفرض ضريبة خروج، استبعدت الحكومة هذا الخيار مؤقتاً، في حين ألغت نظام “غير المقيمين ضريبياً” الذي كان قائماً منذ أكثر من 200 عام.

فرنسا تفرض ضرائب على الثروة من خلال الضرائب على الدخل والميراث، إضافة إلى ضريبة خروج 30% على من يفقدون إقامتهم الضريبية ويمتلكون أسهما تتجاوز قيمتها 800 ألف يورو، كما تدرس باريس زيادة ضرائب الثروة.

النرويج شددت التعديلات الأخيرة التي وردت في موازنة العام الجاري القواعد المرتبطة بالأرباح الموزعة، لضمان عدم تمكن الأشخاص من التهرب من ضريبة الخروج عبر توزيع الأرباح أثناء وجودهم في الخارج ثم العودة مع شركة أصبحت قيمتها أقل.

في بلجيكا، قدمت الحكومة مشروع قانون الشهر الماضي يتضمن فرض ضريبة خروج اعتباراً من يوليو، بنسبة 10% على الأرباح الرأسمالية المحققة داخل البلاد.

هولندا كانت في مقدمة الدول التي وسّعت و تدرس حالياً توسيع نطاق هذه الضريبة.

دفع هذا الوضع الكثير من مؤسسي الشركات الناشئة إلى التفكير بالمغادرة، فبالنسبة لمن هم في مرحلة النمو بشركاتهم أو يديرون شركات ناشئة، فإن مغادرة البلاد قبل أن ترتفع قيمة شركاتهم تصبح خطوة منطقية.

تزامناً مع هذه السياسات المشددة، ازداد توجه الأثرياء نحو دول تقدم نظم ضريبية أخف وأكثر استقراراً مثل سويسرا، إيطاليا، الإمارات، السعودية، سنغافورة، وماليزيا. وقد نجحت هذه الدول في جذب أثرياء يبحثون عن ضرائب أقل وحياة مستقرة.

سويسرا مثلاً، تقدّم نظام ضرائب سنوي ثابت يتراوح بين 100,000 و400,000 فرنك سويسري على الأصول الخارجية، إلى جانب بيئة آمنة وجذابة. لكنها هي الأخرى ليست بمنأى عن التغيرات، إذ تدرس حالياً فرض ضريبة ميراث بنسبة 50% قد تُعرض على التصويت في نوفمبر المقبل.

أما إيطاليا، فقد باتت وجهة مفضلة بفضل غياب ضريبة الخروج، وفرض ضريبة سنوية ثابتة بـ200,000 يورو فقط على الدخل الأجنبي، ما جذب آلاف الأثرياء من فرنسا، بريطانيا، والولايات المتحدة.

مع تصاعد الضغوط الاقتصادية في أوروبا بعد جائحة كوفيد وتباطؤ النمو، أصبحت الضرائب وسيلة لتعويض العجز المالي. لكن بالمقابل، فإن التشدد الضريبي يدفع كثيراً من المستثمرين والمبتكرين إلى البحث عن بيئات أقل تعقيداً.

وبينما تُبرر الحكومات إجراءاتها بأنها تسعى للعدالة الضريبية، يرى منتقدو هذه السياسات أنها قد تؤدي إلى هروب رؤوس الأموال والمواهب، في وقت تحتاج فيه القارة إلى تعزيز الاستثمار والنمو الاقتصادي.

بقلم سام تاج الدين

© 1995- 2025 Sam Travel & Events

Translate »
Verified by MonsterInsights